أردوغان .. وسر النهضة التركية يحمل رايتها أردوغان : من أسرار النهضة التركية الحمد لله الذي تكفل بنصر أوليائه وخذلان أعدائه والصلاة والسلام على نبينا محمد خير الأنام. وبعد.. ساقني الله عز وجل إلى زيارة عاصمة الخلافة الإسلامية اسطنبول في شهر نوفمبر من عام 2010م ضمن وفد مكون من مجموعة من رجال الأعمال ومجموعة من مسئولي منظمات المجتمع المدني، وخلالها تم زيارة مسئول العلاقات الخارجية في بلدية اسطنبول والذي أمدنا بفكرة جميلة عن نهضة تركيا. وفي إحدى رحلاتي الأخرى دُعيتُ إلى محاضرة في بيت أحد الأصدقاء عن نهضة تركيا وكان د. أسامة الخطيب هو من ألقى المحاضرة وهو غني عن التعريف كونه مختصاً في الشؤون التركية، فاجتمعت لديّ بذلك معلومات مهمة عن بعض أسرار النهضة التركية إضافة إلى ما جمعته عن طريق الانترنت لمقارنة المعلومات، خاصة وأنها تحتاج منا إلى كثير من التأمل للعبرة والاستفادة منها وبالأخص من وسدوا بعض المواقع القيادية في السلطة أو المجالس البلدية في أي دولة كانت. وقبل أن نخوض في هذه الأسرار للنهضة التركية دعونا نقف قليلاً مع شخصية السيد رجب طيب أردوغان لنتعرف على بعض الجوانب المهمة في شخصية هذا الرجل، لأننا كما نعلم لا تُصنع نهضة في أي أمة أو بلد أو مؤسسة أو شركة إلا بحسب همة القائمين عليها وخاصة رأس الهرم، فإذا رافق ذلك إيماناً صادقا بالله تعالى وحسن ظن واستعانة به صنعت عجبا، وربما عده البعض في عداد المستحيلات، فمن هو أردوغان إذاً؟. نبدأ بما كتبته وثائق ويكيليكس عن تصنيفه حيث نقلت عن تقارير الدبلوماسيين الأمريكيين معلومات عن شخصية رئيس الوزراء التركي أردوغان، وبحسب انطباعات الدبلوماسيين الأمريكيين عنه أنه شخص يبحث دائما عن الكمال، ومهما بدا أمر من الأمور على أنه في أحسن وجه يتدخل أردوغان فيه ليضيف إليه اكتمالا فوق كماله. كما وصفت الوثائق أردوغان بأنه يعرف أين يضع قدمه، ثابت الخطى، عنيد بل وشديد العناد، ولكنه ليس ديكتاتورا. وحسب الوثائق نفسها فإن أردوغان محب للعمل إلى درجة الإدمان، وأنه قد يواصل العمل من الصباح الباكر حتى 11 مساء، وأحيانا إلى ما بعد منتصف الليل، كما أن فريق العمل التابع له لا يغادرون مكاتبهم إلا بعد أن تصلهم الأخبار بدخول أردوغان إلى فراشه للنوم. وفي اتجاه مماثل تحدثت صحيفة التايمز الأمريكية عن شخصية عام 2010م وهو أردوغان قائلة: بأنه يتصدر المرتبة الأولى بمسابقة شخصية العام. وأوردت المجلة أن من أسباب صعود أردوغان إلى المرتبة الأولى في التصويت الكفاح الدبلوماسي الذي خاضه أردوغان ضد "إسرائيل" عقب الهجوم على سفينة مرمرة وهي في طريها لكسر الحصار عن قطاع غزة المفروض عليها من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من ثلاث سنوات.. فقد كان بذلك متقدماً على الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يحتل المرتبة السادسة، وجاء في المركز الثاني خلف أردوغان مقدم البرامج الأمريكي جيلين بيك، بينما جاء جوليان أسانج مدير موقع ويكيليكس الشهير في المرتبة الثالثة.
والآن دعونا نتناول سيرة بطل الإسلام التاريخي في هذا الزمان الذي أعاد للأمة الإسلامية شيئاً من كرامتها وعزها وسؤددها: رجب طيب أردوغان ولد في 26 فبراير من عام 1954م في حي قاسم باشا أفقر أحياء اسطنبول لأسرة فقيرة من أصول قوقازية، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة حيه الشعبي مع أبناء حارته، ويحكي أن مدرس التربية الدينية سأل الطلاب عمّن يستطيع أداء الصلاة في الفصل ليتسنى للطلاب أن يتعلموا منه، فرفع رجب يده ولما قام ناوله المدرس صحيفة ليصلي عليها، فما كان من رجب إلا أن رفض أن يصلي عليها لما فيها من صور لنساء سافرات! دُهش المعلم من تصرفه وأطلق عليه لقب (الشيخ رجب). أمضى حياته خارج المدرسة يبيع البطيخ أو كيك السمسم، حتى يسد رمقه ورمق عائلته الفقيرة، ثم انتقل بعد ذلك إلى مدرسة الإمام خطيب الدينية حتى تخرج من الثانوية بتفوق، التحق بعد ذلك بكلية الاقتصاد في جامعة مرمرة، بالرغم من اهتماماته المبكرة بالسياسة إلا أن كرة القدم كانت تجري في دمه أيضا، فلقد أمضى 10 سنوات من عمره لاعبا في عدة أندية تركية. زواجه من الناشطة الإسلامية أمينة: يقول الكاتب التركي جالموق في كتابه الذي ألفه عن أردوغان: بدأت قصة زواجه من رؤيا رأتها أمينة الناشطة الإسلامية في حزب السلامة الوطني، رأت فارس أحلامها يقف خطيبا أمام الناس -وهي لم تره بعد- وبعد يوم واحد ذهبت بصحبة الكاتبة الإسلامية الأخرى شعلة يوكسلشلنر إلى اجتماع حزب السلامة، وإذا بها ترى الرجل الذي رأته في منامها، رأت أردوغان حيث تزوجا بعد ذلك واستمرت الحياة بينهما حتى وصوله لسدة الحكم مشكلين ثنائياً إسلامياً جميلاً، لهما اليوم عدد من الأولاد، أحد الأولاد الذكور أسماه نجم الدين على اسم أستاذه نجم الدين أربكان، وذلك من فرط إعجابه واحترامه لأستاذه، وإحدى بناته تدرس في أمريكا لعدم السماح لها بالدراسة في الجامعة بحجابها!. أردوغان والسياسة: بدأ اهتمامه السياسي منذ العام 1969م وعمره 15 عاما، إلا أن بدايته الفعلية كانت من خلال قيادته الجناح الشبابي المحلي لحزب (السلامة أو الخلاص الوطني) الذي أسسه نجم الدين أربكان. بعد عودة الحياة الحزبية انضم إلى حزب الرفاه عام 1984م كرئيس لفرع الحزب الجديد ببلدة بايوغلو مسقط رأسه، وما لبث أن سطع نجمه في الحزب حتى أصبح رئيس فرع الحزب في اسطنبول عام 1985م وبعدها بعام فقط أصبح عضوا في اللجنة المركزية للحزب.
رئيس بلدية اسطنبول: عندما تولى قيادتها انتشل بلدية اسطنبول من ديونها التي بلغت ملياري دولار إلى أرباح واستثمارات وبنمو بلغ 7% بفضل عبقريته ويده النظيفة وبقربه من الناس لاسيما العمال ورفع أجورهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا، وقد شهد له خصومه قبل أعدائه بنزاهته وأمانته ورفضه الصارم لكل المغريات المادية من الشركات الغربية التي كانت تأتيه على شكل عمولات كحال سابقيه!. وبعد توليه مقاليد البلدية خطب في الجموع وكان مما قال: (لا يمكن أبدا أن تكونَ علمانياً ومسلماً في آنٍ واحد، إنهم دائما يحذرون ويقولون إن العلمانية في خطر، وأنا أقول: نعم إنها في خطر. إذا أرادت هذه الأمة معاداة العلمانية فلن يستطيع أحدٌ منعها. إن أمة الإسلام تنتظر بزوغ الأمة التركية الإسلامية.. وذاك سيتحقق! إن التمردَ ضد العلمانية سيبدأ...). وقد سئل مرة عن سر هذا النجاح الباهر والسريع فقال: (لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه، إنه الإيمان، لدينا الأخلاق الإسلامية، وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام). أردوغان في السجن: للنجاح أعداء وللجرأة ضريبة، حين بدأ الخصوم يزرعون الشوك في طريقة، حتى رفع ضده المدعي العام دعوى تقول بأنه أجج التفرقة الدينية في تركيا وقامت الدعوى بعد إلقائه شعراً في خطاب جماهيري -وهو مميز في الإلقاء- قائلاً: مساجدنا ثكناتنا قبابنا خوذاتنا مآذننا حرابنا والمصلون جنودنا هذا الجيش المقدس يحرس ديننا... فأصدرت المحكمة حينها حكماً بسجنه 4 أشهر، وفي الطريق إلى السجن حكاية أخرى، ففي اليوم الحزين توافدت الحشود إلى بيته المتواضع من أجل توديعه وأداء صلاة الجمعة معه في مسجد الفاتح، وبعد الصلاة توجه إلى السجن برفقة 500 سيارة من الأنصار!. وفي تلك الأثناء وهو يهم بدخول السجن خطب خطبته الشهيرة التي حق لها أن تخلد، التفت إلى الجماهير قائلا:(وداعاً أيها الأحباب.. تهانيّ القلبية لأهالي اسطنبول وللشعب التركي وللعالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك، سأقضي وقتي خلال هذه الشهور في دراسة المشاريع التي توصل بلدي إلى أعوام الألفية الثالثة والتي ستكون إن شاء الله أعواماً جميلة، سأعمل بجد داخل السجن وأنتم اعملوا خارج السجن كل ما تستطيعونه، ابذلوا جهودكم لتكونوا معماريين جيدين وأطباء جيدين وحقوقيين متميزين، أنا ذاهب لتأدية واجبي واذهبوا أنتم أيضاً لتؤدوا واجباتكم، أستودعكم الله وأرجو أن تسامحوني وتدعوا لي بالصبر والثبات، كما أرجو ألا يصدر منكم أي احتجاج أمام مراكز الأحزاب الأخرى وأن تمروا عليها بوقار وهدوء وبدل أصوات الاحتجاج وصيحات الاستنكار المعبرة عن ألمكم أظهروا رغبتكم في صناديق الاقتراع القادمة). حزب التنمية والعدالة: بعد خروجه من السجن بأشهر قليلة قامت المحكمة الدستورية عام 1999م بحل حزب الفضيلة الذي قام بديلا عن حزب الرفاه، فانقسم الحزب إلى قسمين: قسم المحافظين، وقسم الشباب المجددين بقيادة رجب طيب أردوغان وعبد الله جول، فأسسا مع زملائهم حزب التنمية والعدالة عام 2001م، خاض الحزب الانتخابات التشريعية عام 2002م وفاز بـ 363 نائبا مشكلا بذلك أغلبية ساحقة ومحيلاً أحزاباً عريقة إلى المعاش!. لم يستطع أردوغان من ترأس حكومته بسبب تبعات سجنه وقام بتلك المهمة صديقه عبدالله جول الذي قام بالمهمة خير قيام، وبعد إسقاط الحكم عنه تمكن رجب أردوغان في مارس من تولي رئاسة الحكومة وابتدأت مسيرته المضيئة. أردوغان يصلح ما أفسده العلمانيون: بعد توليه رئاسة الحكومة مد يد السلام ونشر الحب في كل اتجاه، تصالح مع الأرمن بعد عداء تاريخي، وكذلك فعل مع أذربيجان، وأرسى تعاونا مع العراق وسوريا، ولم ينس أبناء شعبه من الأكراد فأعاد لمدنهم وقراهم أسماءها الكردية بعدما كان ذلك محظورا! وسمح رسميا بالخطبة باللغة الكردية، وافتتح تلفزيوناً رسمياً ناطقاً بالكردية!. مواقفه من إسرائيل: العلاقة بين تركيا وإسرائيل مستمرة في التدهور منذ تولي أردوغان رئاسة الحكومة التركية، فقد ألغى مناورات "نسور الأناضول" التي كان مقرراً إقامتها مع إسرائيل وأقام المناورة مع سوريا! مبررا قرار الإلغاء احتراما لمشاعر شعبه!. وتوج ذلك الطلاق بين تركيا وإسرائيل أيضا بما حصل من ملاسنة في منتدى دافوس بينه وبين شمعون بيريز بسبب حرب غزة، خرج بعدها من القاعة محتجا بعد أن ألقى كلمة حق في وجه قاتل الأطفال عائداً إلى اسطنبول، فاستقبله في المطار عند عودته آلاف الأتراك بالورود والتصفيق والدعوات. كيف لا وهو أول زعيم يجهر بالسخط والعداء لقتلة الأبرياء ومجوعي الشعوب! فكان هذا الموقف من ضمن المواقف التي مثلت إيذاناً بحصوله على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام.
قدواته: الرسول ثم والده وسياسيون وشعراء: يؤكد أردوغان "أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أسوته الأولى" لكن ذلك لا يمنع أنه تأثر أيضا بالزعيم "نجم الدين أربكان" الذي منحه الثقة، وأعطاه الفرصة ليصل لمنصب رئيس فرع حزب الرفاه وهو في الخامسة والثلاثين، ثم رئيس بلدية اسطنبول أكبر بلدية عامة بتركيا عام 1995م. كما أن تعليمه الديني وتديّن والده لعبا دورا بارزًا في ملامح شخصيته، وممن تأثر بكتاباتهم الشاعران المسلمان محمد عاكف توفي 1936م ونجيب فاضل توفي 1985م لدرجة أن أردوغان دخل السجن لأول مرة في حياته عام 1999م وفقد مقعد عمدة اسطنبول بسبب قراءة شعر للراحل محمد عاكف. وعلاقته وثيقة بالأديب المسلم "نجيب فاضل" فقد عاصره وتلقى عنه دروسًا كثيرة في الشعر والأدب، وقد درج أردوغان على الذهاب لمقبرة فاضل في ذكراه السنوية، وفي جمع غفير من أهالي اسطنبول للترحم على روحه. بعض صفاته وسر نجاحه: يرى البعض أن صفاته الجسدية (قامته الطويلة وجسمه الفارع وصوته الجهوري) لعبت دورا هاما في جذب الناس إليه، وكما أنه ليس متحدثًا بارعًا فحسب لكنه مصغٍ جيد كذلك. يقول عن سر نجاحه في تحقيق النهضة: "سألوني عن سبب النجاح في تخليص البلدية من ديونها، فقلت: لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه.. إنه الإيمان.. لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام". قيم ومبادئ ومواقف : * حين كُلف برئاسة بلدية اسطنبول طلبوا منه تحويل سكنه إلى قصر العمدة المعتمد من قبل الدولة، فأبى وقال حينها: سأسكن في الشقة التي استأجرتها، فقالوا له: مكانتك الحالية لا تليق أن تبقى في ذلك السكن خاصة مع استقبال الوفود الزائرة! فرد عليهم أما الوفود فسأستقبلهم في قصر العمدة، لكن نومي لا تتحكموا فيه، سأبقى في سكني الحالي, وفعلا بقي إلى الآن يسكن في تلك الشقة، فاضطرت الدولة إلى تأمين الحي والعمارة التي يسكن فيها، مما رفع الأسهم العقارية في ذلك الحي. * ذات يوم وأثناء جولة له، مر على المدينة الراقية لأعضاء البرلمان فقال ما هذا؟ فقالوا: هذه مدينة أعضاء البرلمان وهي مدينة في حي راق وبها فلل على مستوى عال من البناء والتأثيث فقال كلمة تستحق أن تكتب بماء الذهب: (لو ملك 87 مليون تركي مثل هذه الفلل بعدها يحق لأعضاء مجلس البرلمان أن يملكوا هذه الفلل) ثم أمر بإخلاء هذه الفلل من قبل أعضاء البرلمان وأمهلهم أربعة أشهر للبحث لهم عن بيوت ليستأجروها وينتقلوا إليها، هكذا أخبرنا د. أسامة الخطيب لما زار أحد أصدقائه من البرلمانيين ورأى حقائبه مجهزة داخل سكنه استعدادا للرحيل. * لم يستطع أن يتمالك نفسه حين خرج من مبنى رئاسة البلدية عام 1999م إثر الحكم بحبسه لمدة سنة، فوجد فتىً في الرابعة عشرة يركض إليه على كرسي متحرك؛ إلى أين رئيسنا؟.. لمن تتركنا؟!.. يقول أردوغان: "فرّت الدموع من عينيّ، ولم يكن بوسعي غير التماسك أمام الصبي، وطمأنته، ثم قبّلته". * حال خروجه من السجن أخبروه بأن هناك قناصة مترصدين له وأعطوه درعاً ليلبسه فقال: أمهلوني لحظة فصلى ودعا الله عز وجل ثم مضى، وقال: لا أحتاج إلى درع فإن درعي معي (حسن التوكل على الله عز وجل). * لم يتخلف أردوغان يومًا عن واجب العزاء لأي تركي يفقد عزيزاً ويدعوه للجنازة، مثلما لبى الكثير من دعوات الشباب له بالمشاركة في مباريات كرة القدم. لخص أحد هؤلاء البسطاء فرحتهم قائلا: "نحن نفتخر بأردوغان؛ فإننا نعتقد أن أحدًا بعد اليوم لن يجرؤ على السخرية منا أو إهمالنا". * كما أنه في رمضان كان يفطر كل يوم عند أسرة فقيرة. * لم تمنعه هذه النشأة المتواضعة أن يعتز بنفسه، فقد ذكر في مناظرة تلفزيونية مع دنيز بايكال رئيس الحزب الجمهوري ما نصه: "لم يكن أمامي غير بيع البطيخ والسميط في مرحلتي الابتدائية والإعدادية؛ كي أستطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي؛ فقد كان والدي فقيرًا". * في تقليد متبع مع رؤساء البلديات التركية عُرضت عليه ملايين الدولارات كعمولة من الشركات الغربية التي اتفق معها على مشروعات للمدينة؛ فما كان منه إلا أن طلب خصم هذه العمولة من أصل المبلغ والعقد. * حماسي جدا وعاطفي جدا.. هكذا وصفه أحد الكتاب، فالعلاقات الاجتماعية الدافئة من أهم ملامح شخصيته؛ فهو أول شخصية سياسية ترعى المعوقين في ظل تجاهل حكومي واسع لهم، ويخصص لهم امتيازات كثيرة مثل تخصيص حافلات وتوزيع مقاعد متحركة، بل أصبح أول رئيس حزب يرشح عضوا معوقًا في الانتخابات وهو الكفيف "لقمان آيوا" ليصبح أول معوق يدخل البرلمان في تاريخ تركيا. * لا يستنكف أن يعترف بما لديه من قصور علمي لعدم توفر الفرصة له للتخصص العلمي أو إجادة لغات أخرى غير التركية؛ لذلك فقد شكل فريق عمل ضخم من أساتذة الجامعات والمتخصصين في شتى المجالات للتعاون معه في تنفيذ برامج حزبي الرفاه والفضيلة أثناء توليه منصب عمدة اسطنبول . * يميزه احترام الكبار وأصحاب التخصص؛ فهو لا يتردد في تقبيل أيدي أهل الفضل عليه، ومن ذلك أنه أصر أن يصافح ضيوفه فردًا فردًا خلال "مؤتمر الفكر الإسلامي العالمي" الذي تبنته بلدية اسطنبول عام 1996م ؛ مما أكسبه احترام العديد من الشخصيات الإسلامية الثقيلة. * شخصيته الشجاعة دفعته لتعيين مجموعة كبيرة من المحجبات داخل رئاسة البلدية، مثلما أعطى الفرصة للطرف الآخر دون خوف من النقد الإعلامي، كما أنه لم يتردد في هدم منازل وفيلات لكبار الشخصيات، من بينهم فيلا الرئيس الراحل تورجوت أوزال؛ لأنها بُنيت مخالفة للقانون.
أردوغان : أهم الأزمات والمعالجات: كانت تركيا حينها تمر بمشاكل مزمنة لا يمكن حلها، لذا لم يبد العلمانيون والجيش أية مشاكل من انتخابه ليفشل في سياسة الدولة، فراهنوا على إخفاقه في حل مشكلات تركيا والتي منها حينها: 1- شح المياه: حيث كان الماء شحيحا جدا في اسطنبول، فقد كان يصل للبيوت يومين في الأسبوع لمدة ساعتين فقط، وبسبب عدم وجود البحيرات وعدم سقوط الأمطار بكثافة لفترة تزيد عن 30 سنة أصبح 97% من السدود فارغة. 2- تلوث الهواء في البرد الشديد: حيث كانت هناك سحابة سوداء منخفضة من أثر حرق الفحم الحجري الذي كان يُستخدم للتدفئة؛ فبلغت نسبة تركيز تلوث الهواء 7 أضعاف وكان عدد سكان اسطنبول 13 مليون نسمة. 3- اختناق شديد في طرقات اسطنبول: حيث كانت هي المدينة الوحيدة التي تقع على قارتين وتسمى مدينة التلال السبع طولها 193 كلم، فكان الفرد يستغرق في الانتقال من قارة إلى قارة ذهابا وإياباً ثمان ساعات ونصف يوميا للذهاب إلى عمله. 4- مشكلة السكن: فالعقار في اسطنبول غال جدا, كونها العاصمة التجارية لتركيا ويوجد بها الميناء الأكبر، فكان لا يتوفر بها السكن، ما اضطر سكانها إلى الخروج خارجها للاستئجار، مما كان له الأثر السلبي على حياة المواطنين. 5- تلوث ماء القرن الذهبي: إذ كان بمثابة مستنقع للميكروبات والطحالب وتنبعث منه رائحة كريهة في حين أنه كان من أفضل المناطق السياحية وكان يقطنه الأكابر وعليه القوم. 6- تكدس القمامة وانتشارها: حيث كانت القمامة تتكدس في كل شوارع اسطنبول مما أدى إلى انبعاث روائح كريهة في كل مكان. 7 - الرشوة: فقد كانت مستحكمة في كل الدوائر الحكومية. 8 - ارتفاع نسبة التضخم: حيث بلغ الدولار الواحد 1,760,000 (مليون وسبعمائة وستين ألف ليرة) ووصلت نسبة الفوائد لمن لدية سيولة 7000% وخلال ذلك أفلست شركات كثيرة وانهار الاقتصاد، وسبب ذلك يعود إلى التخبط السياسي والاقتصادي علاوة على الفساد المالي والإداري المستفحل.
المعالجات و الحلول: وضع أردوغان أمام عينيه تلك المشاكل التي تعاني منها تركيا وسعى جاهداً في سبيل القضاء عليها أو الحد منها وفق رؤية اقتصادية واجتماعية محكمة تمثلت في الآتي: 1) معالجة مشكلة المياه: - أسس شركة SKI أسكي وتتبع بلدية اسطنبول، وتم اختيار أصحاب الكفاءة في مجال المياه والمخلصين في عملهم، على أن تكون طبيعة عملها خاضعة لقانون الشركة دون الرجوع إلى المجلس البلدي الذي يسيطر عليه العلمانيون حتى لا يعارضوه ويفشلوا نجاح المشروع. - بعدها طلب تقريراً عن حاجة اسطنبول من المياه والسدود لتستوعب هذه المياه فأجاب الخبراء بضرورة إنشاء (7) سدود بسعة عالية إضافة إلى (4) سدود موجودة من قبل، حينها ثار العلمانيون عليه بدعوى أنه يبدد أموال الدولة (وكانت هذه المرحلة الأولى من الخطة) أما المرحلة الثانية من الخطة فتمثلت في مد خط أنابيب مياه من بحيرة صلنجة إلى الجهات الأخرى. - دعا الناس بعدها إلى صلاة الاستسقاء (فسخر العلمانيون من ذلك الأمر) فاستجاب الله دعاء المصلين وأمطرت السماء في الصيف بعد أن كانت الأمطار منقطعة منذ 30 سنه وامتلأت السدود، وقد كانوا يستخدمون التلقيح الصناعي للسحب عن طريق الطائرات ولم تمطر فلما أمطرت قال العلمانيون هذا الرجل قريب من ربه. - تم بناء شبكة أنابيب ضخمة جدا لنقل المياه وأخرى للصرف الصحي وتم إنزال المشروع في مناقصة, فكان أفضل عرض قدمته شركة فرنسية ولما علم أردوغان بالخبر رفض إرساء المناقصة عليها وأرسى العرض على شركة سعودية كونها إسلامية مع فارق السعر. 2) معالجة تلوث الهواء: أسس شركة أكداش (لتشغيل وتوريد الغاز الطبيعي) ولأنه استلم ميزانية اسطنبول بمديونية اثنين مليار دولار فقد أمر أردوغان بإيصال الغاز إلى البيوت دون أن يدفع شيئاً من خزينة اسطنبول, فكانت أوامره صارمة ولا يقبل أنصاف الحلول، لذا قررت الشركة الموكل إليها الأمر أن تستورد الغاز من روسيا (وكون الأمر مكلفاً للغاية) فقد هداهم الله لفكرة غاية في الروعة وكانت بحسب ما طلب أردوغان -لاشك أن الله عز وجل إذا علم صدق النوايا هيأ الأسباب ويسرها- فوضع التصور في 1990م وتم تفعيله عام 1994م وكانت خلاصة الفكرة أنه تم التفاوض مع الأحياء الغنية في اسطنبول بدفع إيجار سنة مقدما لمن يرغب في توصيل الغاز إلى بيته، حينها توفرت السيولة الـتي تسمح بالتوقيع الأولي على العقد, وبعدها أعلنت الشركة توقيع العقد لكل الفئات المتوسطة والمحدودة ولكن بالأقساط المريحة, فتوفر الغاز لكل فئات المجتمع وتحولت التدفئة في الشتاء عبر الغاز الطبيعي بدلا من الفحم, فتنفس الأتراك الصعداء وتم القضاء على مشكلة تلوث البيئة والتي كانت من أعقد المشكلات في اسطنبول، وتم تغطية خدمة الغاز لاسطنبول بنسبة 97%. 3) معالجة مشكلة زحمة المواصلات: أسس شركة EDO وهي أكبر شركة نقل في العالم نقلت 87 مليون شخص في السنة واستخدمت المسطحات المائية كبديل بين البحر الأسود وبحر مرمرة، وبنت 37 مرفأً ليس لنقل البشر فقط بل حتى لنقل السيارات وسائقيها, كما عملت مترو الأنفاق الذي كان آية في الروعة. - في عام 2009م تم إنشاء شركتين: شركة SPAK لتصنيع الأجهزة والسيرفرات المطلوبة لتحميل البرامج وشركة لتصنيع البرامج. - تم تصميم خارطة طرق اسطنبول وتحديد المسارات الأساسية والتقاطعات وغيرها على الشبكة الالكترونية.
- عمل كاميرات مربوطة بحساسات تقيس الكثافة المرورية ثم تنقلها إلى السيرفرات ومن ثم تبث وتستقبلها الهواتف الجوالة لمعرفة تحليل الكثافة المرورية للسيارات واختيار خط السير أو من خلال الانترنت، فتحلل الكثافة المرورية إلى ألوان، مثلا: 50-70 أخضر, 30-40 أزرق، فحين تدخل على أي لون تحصل على الحركة في شبكة المواصلات. - عند البوابة الرئيسية بالمطار توجد شاشة الكترونية بها كل هذه المعلومات وتحدث حركة السير كل خمس ثوان. - الهدف من ذلك كله اختيار الطريق الأسهل, فتيسرت حركة السير وانتظمت بشكل غير مسبوق، ولتوضيح الفكرة أكثر تحدد مكانك في الجوال (برنامج يحمل على الجوال وهو نظام خاص بالبلدية) والمكان الذي ستذهب إليه للمفاضلة بين الأقصر مسافة أو الأقل زمنا فيرسم المسار لتتبعه. - وخيار آخر عندما تكون مدة الوصول 20 دقيقة أخبرني، أي عندما يخف الزحام، وتعتبر تركيا أغلى دولة في العالم في سعر البنزين فساعد هذا الأمر كثيرا في تخفيف أعباء المجتمع. - الحافلات صارت أسرع من السيارات وذلك لتخصيص مسارات خاصة لها لا يقف أمامها شيء فانخفض زمن الذهاب والإياب للموظفين من ثمان ساعات ونصف إلى ساعتين مع فارق توفير البنزين. - تم ابتكار البطاقة الذكية أو الفيش الكهربائي الذي يُشحن بوحدات تستخدمها في جميع وسائل النقل (المترو، القطار الكهربائي، الحافلات وبعض السفن) كما أنه يوجد قارئ يحدد عدد الركاب بالحافلة، ومن خلال جهاز التحكم يتم برمجة حركة الحافلات حسب الازدحام. - تخصم قيمة المسافة فقط التي قطعتها في الحافلة وليس قيمة المسافة كاملة التي في مسار الحافلة.
4) معالجة مشكلة السكن: كوّن شركة KEBTASH للتسويق العقاري تحت شعار (كل شخص يملك بيتاً) فتم تخصيص منطقة قريبة من المطار لبناء مجمع سكني يحوي 5000 وحدة سكنية منحة من الدولة، وتمت على مراحل: المرحلة الأولى: أعلنت شركة KEBTASH أنها ستبني 5000 وحدة سكنية لمن (ليس له بيت وهو فقير) ومن تنطبق عليه المعايير المحددة والمقرة يقدم طلباً للشركة, فتقدمت حينها 52 ألف أسرة لطلب بناء سكن. البناء سيتم خلال سنتين بالآلية التالية: * يدفع كل فرد 250 دولار تقسط لمدة 12 سنة وكلفة البيت (36000 $). * رسوم أساسية 100 $ على كل أسرة × 52000 = 5,200,000 دولار حيث وفر السيولة الأولية للبناء. * تم دعوة المتقدمين إلى الأستاد الرياضي وحضرت الحكومة وتم السحب بالقرعة وكان يُبث مباشرة عبر القنوات الفضائية الرسمية.. إنها شفافية غاية في الروعة. فكانت نتائج القرعة مؤثرة إلى حد كبير فحينما يفوز أحدهم بالطلب فمنهم من كان يقفز من الفرح.. وبعضهم يُغمى عليه وآخر يقفز فوق المنصة ويعانق أردوغان بحرارة. المرحلة الثانية: تم بناء 7500 وحدة سكنية. المرحلة الثالثة: تم بناء 12500 وحدة سكنية. المرحلة الرابعة: تم بناء 17000 وحدة سكنية. بعض تلك الأسر الفقيرة بعد استكمال الوحدات السكنية تؤجر غرفة في مسكنها للسياح بـ 400 $ في الشهر فصار يدفع من هذا الإيجار القسط الذي عليه للدولة وهو 250 $ والباقي صار ربحا له، فالمحصلة النهائية للسكن صارت مجانا للفقير بحكمة بالغة في الروعة. وبعدها قامت الشركة بتعميم الفكرة على تركيا كلها ووصل حجم البناء 750,000 وحدة سكنية خلال 7 سنوات، والأعجب من ذلك أن الشركة أعلنت أنها ستبني 1300 وحدة سكنية لمن ليس لديهم دخل (عاطلين عن العمل) وقسطها 100 $ شهرياً. * تدفع الشركة عن العاطل الأقساط لمدة 6 شهور وخلالها يقوم بالبحث عن عمل، ما لم يجد يفقد حقه في امتلاك البيت، أو تقوم الشركة بتأمين عمـل له في شركة المواقف إذا أثبت جدارته بالتدريب على ذلك العمل ويحصل على راتب 600 $ ويُخصم منه 100 $ قسطاً للسكن. 5) معالجة مشكلة تلوث مياه القرن الذهبي: - عمل لقاء مع مستشاريه والمختصين في البيئة. - تقدمت مجموعة شركات لحل المشكلة وفحصوا الخليج ووصلوا إلى خيارين: الأول: لا يمكن إعادة المياه للخليج كون الأحياء البحرية قد ماتت فيه. الثاني: يتم ردم الخليج ويصبح مواقف للسيارات. فأصر أردوغان على أن يعود القرن الذهبي مثل سابق عهده، فلما أعادوا تحليل المشكلة وجدوا أنها تكمن في القمامة والمخلفات التي تُرمى من المصانع والبيوت العشوائية الموجودة على ضفاف القرن الذهبي مع عدم وجود تجديد للماء فكان الحل تبعاً لذلك يتمثل في: * إزالة المساكن والمصانع ونقلها بعيداً. * إزالة الأتربة والمخلفات الممتلئة بالميكروبات من الخليج من خلال وضع منصات تطفو على الماء وفيها رافعات لها أذرع طويلة فأزالوا 2 مليون طن من التراب والمخلفات واستخدمت كسماد للحدائق. * وضع طوربينات في نهاية الخليج ومضخات لعمل تدوير للماء لمدة 2-3 ساعات. حاليا صار القرن الذهبي من أجمل المواقع في اسطنبول ويوجد به: - متحـف لجميع الآثار التركية (ميناترك). - قصر المؤتمرات والمعارض. - مركز حزب العدالة والتنمية. - جمعية مجلس رجال الأعمال الأتراك (الموسياد) وفي عضويتها 5000 عضو يمثلون 15000 شركة تحت مظلة حزب العدالة والتنمية. - نمت الاستثمارات فيه بشكل كبير. 6) معالجة مشكلة القمامة: بدأ العمل بحملة إعلامية تثقيفية كبيرة يتم من خلالها غرس القيم الإسلامية كحديث (النظافة من الإيمان) حيث كتبوه وعلقوه في كل مكان حتى على السيارات التي تجمع النفايات, مع توفير إمكانات النظافة، فصارت اسطنبول من أروع المدن عالميا وربما صارت الآن ثالث أجمل مدينة في العالم. والأغرب من ذلك ما ذكره الأستاذ أحمد الشقيري في برنامجه (خواطر 6) من أنهم استفادوا من القمامة في اسطنبول واستثمروها، فولدوا منها طاقة تكفي لإنارة 100 ألف منزل من خلال تسيير 500 شاحنة كبيرة يوميا محملة بالقمامة من المدينة وتُفرش بها الأرض في منطقة منعزلة، ثم توضع الرمال فوقها حتى يُمنع عنها الأوكسجين لمدة عامين، وخلال تلك الفترة تقوم أنابيب كبيرة بشفط غاز الميثان من القمامـــة وتحويله إلى مصنع لإنتاج الكهرباء. 7) معالجة مشكلة الرشوة: قاموا بتدوين حديث (الراشي والمرتشي في النار) وعلقوه في كل مكان داخل الدوائر الحكومية، وأنشئوا المائدة البيضاء وهي عبارة عن طاولة طويلة في صحن ديوان بلدية اسطنبول ثم صاغوا دليلاً إرشاديا لكيفية تقديم الخدمات للزائرين، وجمعوا في هذه الطاولة جميع مدراء الأقسام في البلدية، وفي حالة وصول صاحب المعاملة يتم استقباله بحفاوة وتؤخذ المعاملة من قبل أفراد مكلفين بذلك فيما هو يستريح في الاستقبال وتقدم له القهوة التركية والعصائر، ولا يكاد يمر زمن يسير إلا وتقدم له أوراقه جاهزة، متجاوزين بذلك مرحلة قاسية تستغرق فيها المعاملات حينها يوما كاملا في السابق مع ما يخسره المواطن من أمواله كرشى لمراحل المعاملة, فشعر الناس بانقلاب هائل في المعاملات لم يكونوا يألفوه أو يتخيلوه. 8) معالجة مشكلة التضخم: لما تولى أردوغان قال قولته الشهيرة: (سنقطع اليد التي تثقب هذه الجرة) ولما سئل كيف حققتم هذا النمو السريع في الاقتصاد؟ قال: قفلنا مناخير الفساد. إضافة إلى المعالجات التي ذكرناها آنفا والأهم من ذلك هو تمكين أهل الكفاءة والخبرة والنزاهة من مفاصل السلطة، لقد بلغت نسبة التضخم في تركيا عام 2002م 1170% وانخفضت إلى 7.6% في عام 2007م فيما كانت نسبة النمو 2.2% في 2002م فارتفعت إلى 9.8% في 2007م. وكذلك كان حجم الصادرات 30 مليار في 2002م فارتفعت إلى 130 مليار. وكان متوسط دخل الفرد 3150$ فارتفع إلى 10990$ ولديهم طموح في أن يصل إلى 15000$ فتعززت العملة بعد ذلك حتى صار الدولار الواحد يساوي 1.15 ليرة بدلا من 1,76,0000 ليره. إن الحديث عن شخصية بهذا القدر والتأثير لا بد أنه ذو شجون وفيه تفاصيل كثيرة لا يتسع بكل تأكيد المقام لتناولها في هذه العجالة، لكن لعلنا نخلص إلى جزء ولو يسير من أسرار التغيير في تركيا والمتمثلة في التالي: 1) ما قاله أردوغان حينما سئل عن ذلك (لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه إنه الإيمان، لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام) يؤكد بلا شك أن تركيا قد نحت منحى آخر يختلف تماماً عما كانت عليه قبل خمسة أعوام وهو ما لامس الحياة في المجتمع التركي في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية... إلخ. 2) البناء الإيماني والتربوي الصارم والراسخ لكثير من شرائح المجتمع وخاصة طلاب الجامعة، فقد سألتُ أحد العاملين في حقل الدعوة عندما كنا في زيارة لأحد مساكن الطلاب في اسطنبول عن سر هذا التمكين الذي حصل للتيار الإسلامي في بلد نخر الفساد في كل أركانه.. فرد عليّ قائلاً: إن هذا لم يأت من فراغ وإنما جاء من البناء التربوي العميق منذ قرابة الثلاثين عاماً، وخاصة من خلال التعليم. ولقد لمست هذا الأمر في ذلك السكن، حيث أنهم يلزمون الطلاب الساكنين في اسطنبول بالسكن يومين في الأسبوع مع معلميهم في ذلك السكن لاستكمال البناء التربوي من قيام ليل جماعي وغيره. 3) التركيز على التعليم من خلال إنشاء المدارس والجامعات والمعاهد الخاصة التي ربما بلغت الآلاف. 4) التركيز على بناء الإنسان كما ونوعاً جعل منهم محبين لدينهم مغرمين بالتغيير من خلال مواقعهم وتخصصهم, فيتهيئون دوما للارتباط بالله واستمداد العون منه مع نكران الذات. 5) الاهتمام بالإعلام بكل أشكاله (القنوات الفضائية, الصحف, المجلات, الكتب...) كونه أقوى وسائل التأثير، ويكفينا إذا علمنا أن أحد التوجهات الإسلامية وهم النورسيون يمتلكون تسع قنوات فضائيه وهي التي ربما لا تمتلكها دول بحالها. إن أحداً لم يكن يتوقع قط أن يخرج من بلاد كانت حتى الأمس القريب دمية بيد الغرب وإسرائيل مثل تركيا، بطل اسمه رجب طيب أردوغان سيخلّد التاريخ اسمه بأحرف من نور.
|
الجمعة، 8 يونيو 2012
أردوغان .. وسر النهضة التركية - مقالة تستحق القراءة والنشر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق